أن المواكب الحسينية قد جرى تأسيسها بعد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام)، فكان أول مأتم أقيم بكربلاء في الليلة الحادية عشرة من محرم، مباشرة بعد مقتل الإمام الحسين (عليه السلام)، برعاية ابنه الإمام علي بن الحسين (زين العابدين) (عليه السلام)، وبحضور أهل بيته ونساء أصحابه بكربلاء، وقام الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) بإلقاء أول خطبة في جماهير الكوفة التي ازدحمت حوله حينذاك، وتبعته السيدة زينب وأم كلثوم وفاطمة الصغرى (عليهن السلام).
ومن تلك اللحظة بدأ مسلسل الندب والبكاء والحزن الذي لم ينقطع على مقتل الإمام الحسين وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام)، فقد كانت واقعة كربلاء بدرجة من الظلم والاضطهاد الذي لم يمحى من ذاكرة أئمة أهل البيت (عليهم السلام) والمؤمنين الذين توارثوها جيلاً بعد جيل، فاتخذت أشكالاً عديدة، ومظاهر دينية واجتماعية مختلفة، اذ بدأت الشعائر الحسينية بالزيارة والعزاء والبكاء وإنشاء الشعر وغير ذلك، وبحكم الظروف التاريخية، خصوصاً في عهد الدولتين الأموية والعباسية، كادت مظاهر الندب والعزاء أن تختفي، وأضحت تُمارس بسرية وخفيّة من عيون الحكام.
وقد مر الموكب الحسيني بمراحل تاريخية واجتماعية متعددة، حتى وصل الى ماهو عليه اليوم فأنه يناسب طبيعة الظروف الموضوعية وبما يتوافق مع عاداتنا وتقاليدنا وهويتنا الإسلامية، ومن الضروري أن يكون التغيير والإصلاح شعاراً للتحرك الإيجابي في صفوف المجتمع، على ضوء فهمنا لأهداف النهضة الحسينية ووعينا بطبيعة المتغيرات المحلية والعالمية.
ومن الجدير بالذكر، أصدر مركز كربلاء للدراسات والبحوث في العتبة الحسينية المقدسة دراسة علمية توثيقية تضمنت مجموعة من الخدمات التي تشهدها محافظة كربلاء خلال الزيارات المليونية، وضمنها اعداد المواكب الحسينية المحلية والأجنبية التي بلغ عددها وفقاً للنشرة الإحصائية الصادرة عن المركز وللمدة (2017-2021) أكثر من(71.743) موكب حسيني عزائي وخدمي من مختلف دول العالم يجتمعون كل سنة في شهر محرم الحرام بمدينة كربلاء لأجل احياء الشعائر الحسينية واستذكار واقعة الطف الأليمة.