يوافق تاريخ الخامس عشر من شهر رجب الأصب ذكرى وفاة السيدة الجليلة زينب الكبرى "عليها السلام"، تلك المرأة التي شاطرت أخاها في ثورته الإصلاحية العظيمة خلال حياته، ونقلت تعاليمها للناس بعد إستشهاده كأفضل ما يكون للمرأة من مثال في التصدي لمسؤولية إظهار كلمة الحق ودحض بدع الباطل.

هي "زينب بنت علي بن أبي طالب" الملقبة بـ "الحوراء" و"زينب الكُبرى"، ثالث الأولاد من بيت فاطمة الزهراء كريمة رسول الله محمد، وخليفة الله في أرضه علي بن أبي طالب "صلوات الله عليهم" وكبرى بنتيهما والأخت الشقيقة للسبطين الحسن والحسين "عليهما السلام"، ولهذا تُعتبر السيدة زينب إحدى أبرز الشخصيات في تاريخ الإسلام علماً وديناً وبلاغة، ناهيك عن سيرتها الملأى بالحزن والأسى نظراً لما قاسته من فقد أهلها وإنتهاك حرمة بيت أبيها وجدها "صلوات الله عليهما"، جاعلاً منها "جبل الصبر" كما أسماها به أئمتنا الأطهار.

كان لزينب "عليها السلام" دور بطولي وأساسي في ثورة كربلاء التي تعتبر من أهم الأحداث التي عصفت بالأمة الإسلامية بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله"، وكان دورها فيها لا يقل عن دور أخيها الإمام الحسين وأصحابه صعوبةً وتأثيراً في نصرة الدين، حيث أنها قادت مسيرة الثورة بعد استشهادهم عبر الإعلام والإعلان، فأوضحت بذلك للعالم حقيقة هذه الثورة الخالدة، وأبعادها وأهدافها الإنسانية العظيمة من جهة، وفضحت بفصاحتها وبلاغتها المنقطعة النظير، قبح السلطة الأموية الحاكمة ومدى خروج حكام هذه السلطة عن جادة الإسلام من جهة أخرى.

وقفت الحوراء زينب "عليها السلام" الى جانب شقيقها الحسين "عليه السلام" وأهل بيته خلال جميع الشدائد التي مرّت بهم، والتي لم يكن آخرها واقعة الطف الأليمة مع ما لحق بها من مصائبٍ ومآس، من إستشهاد الأحبة واحداً بعد الآخر بسيوف جلاوزة الأمويين، مروراً بتساقط النساء والأطفال بسبب العطش والحر، وحتى أسرهم وسبيهم بين المدن والبلدات، فيما لم يكن منها في جميع ما شهدته حينها إلا مناجاة ربها بالقول "اللهم تقبَّل منَّا هذا القربان"، لتبقى صابرةً محتسبةً عند الله ملتزمةً بوصايا أخيها "سلام الله عليه" حتى إلتحاقها الى الرفيق الأعلى في منتصف شهر رجب سنة 62 هـ، لتشرّف بذلك موطن سبيها بدفن جثمانها الطاهر في مدينة دمشق بالشام.

 

المصادر

  1. باقر شريف القرشي، السيدة زينب بطلة التاريخ، ص 298.
  2. السيد محمد كاظم القزويني، زينب الكبرى من المهد إلى اللحد، دار الغدير، ص 561.
  3. علي نقي فيض الاسلام، خاتون دوسرا (شرح حال زينب)، ص 185.
  4. ابن منظور، لسان العرب، ج 1، ص 453.