تمرّ علينا في هذه الايام ذكرى أليمة الا وهي ذكرى وفاة سيدة الإيثار ومنبع الفضل والاباء السيدة الطاهرة أم البنين وزوج أمير المؤمنين "فاطمة بنت حزام الكلابية"، التي تُعد قدوة لكل النساء المسلمات ونموذجا رائعا يحتذى به على مر الازمان.

عاشت هذه السيدة الجليلة والعابدة الزاهدة والورعة التقية عمرها المبارك بين عبادةٍ لله عز وجلّ، وبين أحزانٍ طويلةٍ على فقد أولياء الله سبحانه، وفجائع متتالية بدءاً باستشهاد إمامها وزوجها أمير المؤمنين علي "عليه السلام" في محراب صلاته، وليس إنتهاءاً بفقدان أولادها الأربعة في ساعةٍ واحدة خلال نصرتهم لحبيب الله ورسوله الإمام الحسين "عليه السلام" والذي واست بمصابه الأليم أمه الزهراء "عليها السلام" بأفضل ما للمواساة من أشكالٍ ومعان، ونابتْ عنها في إقامة المآتم عليه في صورةٍ نادرةً من صور الحب والوفاء.

كانتْ وفاتُها الأليمة في الثالث عشر مِن جمادى الآخرة سنة (64) من الهجرة النبويّة الشريفة كما ذُكِر في "الاختيارات" عن "الأعمش" عندما قال: "دخلتُ على الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين (عليه السّلام) في الثالث عشر من جمادى الآخرة، وكان يوم جمعة، فدخل الفضلُ بنُ العبّاس وهو باكٍ حزين، يقول له: لقد ماتتْ جَدّتي أمُّ البنين"، فهنيئاً لهذه المرأة النجيبة الطاهرة، الوفيّة المخلصة، ولكلّ من اقتدت بها من المؤمنات الصالحات، والسلام عليها يوم ولدت ويوم ماتت ويوم تُبعث حيّة.