ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
إنّ هذه الحالة تُعتبر من قبيل حالات التزاحم بين الحقوق في مقام مراعاتها. بمعنى أنّ هناك استحقاقات متعدّدة لا يمكن الإيفاء بجميعها، كما لو توقّف إنقاذ غريق على الدخول في ملك الغير بغير إذنه لأجل إنقاذ الغريق، حيث لا يمكن الإيفاء بحقّ الغريق في إنقاذه وحقّ المالك في عدم التصرّف في ملكه بغير إذنٍ منه، ولا بدّ حينئذٍ من تقدير الأهمّ والمهمّ ومراعاة الأهمّ من الحقوق.
ففي حالات تهديد الأمن الداخليّ أو الخارجيّ يقع التزاحم بين الحقوق الأوّليّة لفريق من الناس مع حقّ الأمن وما يستبطنه من حقّ الحفاظ على النفس والعرض والمال والشعور بالطمأنينة.
المصدر / محمد باقر السيستاني، اتجاه الدين في مناحي الحياة، ص، 234 - 235.