إنَ أهم ما يُلزم على الإنسان في هذه الحياة بعد العلم بحقيقتها وآفاقها وغاياتها من خلال الإيمان بالله سبحانه ورسله الى خلقه والدار الآخرة هو توعيته لنفسه وتزكيته إياها، بتحليتها بالفضائل وتنقيتها من الرذائل، حتى يتمثل علمه في عمله واعتقاده في سلوكه، فيكون نوراً يستضيء به في هذه الحياة ويسير بين يديه وبإيمانه في يوم القيامة.
أن هذه الدنيا بالنسبة للإنسان إنما هي دار اختبار وامتحان، فهي مدة قصيرة من مجموع حياته الخالدة أوجدت لهذه الغاية على حد فرصة المتعلم في طول السنة في أن يجد ويدرس أو يتساهل ويلعب، فيحصل على درجته من النجاح والفشل في نهاية السنة ليكافأ بالارتقاء أو يجازى بالرسوب.
فكل ما يتمتع به المرء من نعم أو يبتلى به من عوارض ظروف أوجدها الله سبحانه وتعالى ليختبر بها مقدار مراعاته لنداء الحكمة وصوت العقل واقتضاء الضمير، فليس في نعمه سبحانه دلالة على كرامته ولا في ابتلاءاته دلالة على إهانته، بل أراد الله تعالى بالإنعام عليه اختبار مدى شكره عليها، أو اغتراره بها وإهماله لما وجب عليه فيها، كما أراد سبحانه بابتلائه اختبار مدى صبره عليه وثباته على مبادئه معه.
المصدر: أصول تزكية النفس وتوعيتها، محمد باقر السيستاني، ج1، ص74.