تحلُّ علينا في هذا اليوم من شهر رمضان المبارك ذكرى أعظم فاجعة مرّت على المسلمين بعد فقد نبيهم "صلى الله عليه وآله" متمثلةً باستشهاد أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجلين الإمام علي بن أبي طالب "صلوات الله وسلامه عليه" في محراب صلاته سنة 40 للهجرة.
هذه الفاجعة التي خطط لها أشقى الأشقياء عبد الرحمن بن ملجم المرادي "لعنه الله" في مكة المكرمة مع نفر من أصحابه الخوارج ممن تعاهدوا أن يقتلوا أخا رسول الله "صلوات الله عليهما"، وإطفاء شمعة حياته المباركة بغية القضاء على سيرته العطرة في نشر الدين الإسلامي الحنيف وتطبيق شرع الله في العالمين على خطى سلفه خاتم الأنبياء والمرسلين محمد "ص". تلك السيرة التي ابتدأت منذ ولادته المباركة في جوف الكعبة المشرّفة مروراً بنشأته في كنف رسول الله "ص" وحتى نصرته للإسلام في جميع مراحل الدعوة .
ولقد ذكر النبي الأكرم (ص) في ما لا يعد ولا يحصى من الأحاديث، فضل هذا الإمام المعصوم ومكانته لديه ضارباً الأمثلة على ذلك بمؤاخاته له من بين جميع السابقين في الإسلام وتزويجه من بضعته الطاهرة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء "سلام الله عليها".
أشادت جميع المصادر التأريخية الإسلامية منها وغير الإسلامية، بالعدل المطلق والتقدم الحضاري الذي ساد في عهد أمير المؤمنين منذ أن بويع بالخلافة سنة 35 هـ، 656م بالرغم من فترة حكمه القصيرة نسبياً في عاصمة خلافته الكوفة المقدسة لـ (خمس سنوات وثلاثة أشهر) والموصوفة أيضاً بـ (عدم الإستقرار السياسي) نتيجةً لبروز الفتن على يد معاديه النواصب المنقلبين على وصايا رسول الله "ص" بعد وفاته، إلا أن كل هذا لم يمنع الخليفة الشرعي وحامل لواء الرسالة المحمدية من تطبيق تكليفه الشرعي كإمام معصوم عن الزلل والخطأ بحق جميع أفراد رعيته مسلمين كانوا أو من أصحاب الذمة، عرباً أقحاح من غيرهم وبشهادة ألدِّ أعدائه قبل أنصاره ومواليه (1).
ومن غيض ما ذكر في العصر الراهن بحق فيض أمير المؤمنين في العدالة الإنسانية المنعدمة النظير، هو ما جاء في وثيقة الأمم المتحدة المرقمة بـ (SG/SM/6419 HR/4347 OBV/34) والصادرة بتاريخ 9 كانون الاول لسنة 1997 عن رسالته الى عامله في ولاية مصر مالك الأشتر "رضوان الله عليه" والتي وصفتها المنظمة الدولية حينها بأنها "مثال على الرحمة والتسامح تجاه جميع رعايا الدولة" (2).
المصادر
(1) إبن الأثير، أسد الغابة ص 805.
(2) الموقع الإلكتروني الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة.