تمُرُّ علينا في السابع والعشرين من شهر رجب الأصب، مناسبةٌ تعّد من بين أعظم نظيراتها في التاريخ الإسلامي، ألا وهي ذكرى مبعث نبينا محمد(ص) وهبوط جبرائيل عليه بالرسالة والنبوة، مما يستدعي تجديد آيات العهد والولاء لخاتم الأنبياء وأهل بيته الذين حملوا رسالته من بعده.
إن مبعث النبي (ص) لحمل رسالة الإسلام، لم يكن لإخراج المجتمع من مخلفات الجهل والتخلف وحسب، بل جاءت كبزوغ شمسٍ على الإنسانية جمعاء بغية نشر مبادئ الإنسانية والتسامح التي يحملها خاتم الأنبياء والمرسلين.
ومن الآيات البيّنات على دور آل بيت النبي (ص) في حمل هذه الأمانة السماوية منذ ساعاتها الأولى، هي ما جاء بالأمر الإلهي (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (الشعراء: 214) فكان أول من دعاهم إلى سبيل الله هما زوجته خديجة وابن عمّه عليّ بن أبي طالب (عليهما السلام)، ليصبحا النواة الاُولى للدعوة الإسلامية الكبرى التي تولى حفظها من بعد وفاة الرسول الأكرم، من وصِفوا من قبل الباري عز وجل بأنهم قد (أُذهب عنهم الرجس وطهروا تطهيرا) كونهم المصب الحقيقي لهذه الرسالة من منبعها الأطهر فضلاً عن نزول القرآن المجيد بين ظهرانيهم في المقام الأول.
ونحن إذ نبعث بأسمى التهاني والتبريكات الى مقام صاحب الأمر والزمان وحامل لواء القرآن (عج) والمراجع العظام ومسلمي العالم أجمع في هذه الذكرى الميمونة، لا يسعنا إلا أن نجدّد عهدنا لنبي الله الذي اختاره ربّه رسولاً وهادياً ورحمة للعالمين، ولذريته من أئمة الحق والصراط المستقيم، عبر إتباع ما دعونا اليه من سلوك لطريق الإيمان والأخلاق والموعظة الحسنة، والثورة على المفاهيم المغلوطة التي تعيشها للأسف بعض مجتمعاتنا في عصر يواجه فيه الإسلام إحدى أخطر التحديات على مرّ التاريخ ممثلةً بالفرقة والإبتعاد عن تعاليم الدين الحنيف والغزو الثقافي الاستكباري.