إنَ أهم ما يُلزم على الإنسان في هذه الحياة بعد العلم بحقيقتها وآفاقها وغاياتها من خلال الإيمان بالله سبحانه ورسله الى خلقه والدار الآخرة هو توعيته لنفسه وتزكيته إياها، بتحليتها بالفضائل وتنقيتها من الرذائل، حتى يتمثل علمه في عمله واعتقاده في سلوكه، فيكون نوراً يستضيء به في هذه الحياة ويسير بين يديه وبإيمانه في يوم القيامة.
الصفات المقدسة لله عزّ وجل
إن صفاته تعالى على ضربين: صفات كينونة، وصفات أفعال.....
اما صفات كينونته فهو سبحانه وتعالى بكل كمال بريء عن كل نقصن فما اتصف به سبحانه واتصف به عباده يختلف في كينونية الصفة، فليست صفته أمراً زائداً على ذاته كما هو الحال في خلقه حيث يمكن أن يتصفوا بالقدرة والعلم والحياة وبخلافها، فهذه الصفات هي من صميم ذاته، ولا يطرأ عليه سبحانه وتعالى تطور أو تكامل كما يطرأ ذلك على خلقه، فهو على صفة واحدة في العلو والكمال.
وذلك من أبعاد قاعدة نفي المماثلة المشار إليها بقوله تعالى: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءً)) وأوضحه أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلماته الشريفة كالخطبة الأولى في نهج البلاغة، ومن قوله فيها: ((... الذي لا يدركه بعد الهمم، ولا يناله عوص الفطن. الذي ليس لصفته حدُّ محدود، ولا نعت موجود، ولا وقت معدود، ولا أجل ممدود... وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة.
فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأهُ فقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشاره إليه فقد حدَّه، ومن حدَّه فقد عدَّه، ومن قال فيمَ فقد ضمنَّه، ومن قال علام فقد أخلى منه. كائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم. مع كل شيء لا بمقارنة، وغير كل شيء لا بمزايلة. فاعل لا بمعنى الحركات والآلة. بصير إذ لا منظور إليه من خلقه. متوحد إذ لا سكن يستأنس به ولا يستوحش لفقده....))
المصدر: أصول تزكية النفس وتوعيتها، محمد باقر السيستاني، ج1، ص58.