إنَ أهم ما يُلزم على الإنسان في هذه الحياة بعد العلم بحقيقتها وآفاقها وغاياتها من خلال الإيمان بالله سبحانه ورسله الى خلقه والدار الآخرة هو توعيته لنفسه وتزكيته إياها، بتحليتها بالفضائل وتنقيتها من الرذائل، حتى يتمثل علمه في عمله واعتقاده في سلوكه، فيكون نوراً يستضيء به في هذه الحياة ويسير بين يديه وبإيمانه في يوم القيامة.
الصفات المقدسة لله عزّ وجل
الحقيقة 3): ما تضمنته الرسائل الإلهية من المعرفة بصفاته المقدسة، وذلك أمر ضروري للإنسان حتى يلتفت إلى ما ينبغي أن يكون عليه سبحانه تجاهه في مقام الإذعان به والتأدب في محضره، فإن التعامل الحكيم يتوقف على معرفة المرء بشخصية من يتعامل معه وصفاته.
فقد دلت شواهد الفطرة ونصت الرسالات الإلهية على أنه سبحانه منزه عن المادة وعوارضها من كم وكيف وزمان وحدّ، لا يتطور من حال إلى حال ولا تطرأ عليه زيادة ولا نقصان ليس كمثله شيء، متصف بالعلم النافذ في كل شيء والقدرة البالغة على كل شيء، لا شريك له ولا ضد ولا ندّ، بل كل شيء هو جنده وخزائن الأشياء كلها بيده ولا يقع أمر إلا بإذنه وإرادته، فليس هناك إله غيره ولا مصدر للقدرة والتأثير سواء، بل هو المؤثر الوحيد في الكون، له الحمد والمجد وحده وهو العلي العظيم.
وجُلّ هذه المعاني مما يدل عليه العقل السليم بالتأمل والتبصر في ما تدل عليه آياته وتشهد عليه دلائل وجوده، وقد رفعت رسائله الى الخلق نوازع الشك والترديد وبواعث الشبهة والاحتمال وانقطع الشك في ذلك كله باليقين، فمن أثبت لله شيئاً من عوارض خلقه فقد أخطأ، ومن أثبت له شريكاً أو نداً فقد أثبت وهماً وادعى باطلاً.
المصدر: أصول تزكية النفس وتوعيتها، محمد باقر السيستاني، ج1، ص57-58.