في ظل حلول الذكرى البهيجة لمولد أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجلين ووليّ رسول ربّ العالمين "ص" في الـ 13 من شهر رجب الأصب، فلا يسع هذه السطور القليلة أن تحوي قطرات من بحر العظمة والرحمة والتسامح التي عكستها سيرة الإمام علي بن أبي طالب "ع" والتي كان من بين إنعكاساتها كشف الصورة الحقيقية والناصعة للإسلام المحمدي الأصيل أمام العالم أجمع.
ومما برز من الآثار الخالدة لسيرة أسد الله الغالب هو ما جاء في كتابات المؤرخ والفيلسوف الفرنسي "روجيه غارودي" عن أمثلة التسامح وقبول الآخر من لدن أمير المؤمنين "ع" الى درجة جعلت من "غارودي" في خط الدفاع الأول ضد من يتهمون الإسلام بالتوحش والدموية، في الوقت الذي وصف فيه المفكر الفرنسي وصية الإمام لولده الحسن "ع" قبل إلتحاقه بالرفيق الأعلى، بأنها "وثيقة سبقت كلّ قواعد حقوق الإنسان التي لم تبصر النور إلا بعد رحيل علي بأكثر من ألف سنة بهذه الدقة وهذا التفصيل والوضوح"، مضيفاً أن الإمام كتب وصيته تلك "وهو ليس في موقع التنظير البارد، وإنما بعيد إصابته بجراح قاتلة، وتحدّث من خلالها عن أسلوب معاملة قاتله".
وبالرغم من جميع الحملات المسعورة التي شنّتها الحكومات المعادية لأمير المؤمنين "ع" بعد إستشهاده والرامية الى النيل من مقامه الرفيع عند الله عز وجل ورسوله الكريم "ص" عبر السعي الى تشويه وتحريف سيرته الزكية وطمس المصادر العلمية والتاريخية الدالّة على عظمته "ع"، إلا أن النص النبوي والعلوي المطهر أبى إلا أن يصل إلى المتعطشين للحقائق الإلهية عبر أهل البيت الكرام الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً (1).
____________
المصدر:
(1) "لماذا أسلمت؟... نصف قرن من البحث عن الحقيقة": دراسة أعدّها الباحث محمد عثمان الخشت.