إنَ أهم ما يُلزم على الإنسان في هذه الحياة بعد العلم بحقيقتها وآفاقها وغاياتها من خلال الإيمان بالله سبحانه ورسله الى خلقه والدار الآخرة هو توعيته لنفسه وتزكيته إياها، بتحليتها بالفضائل وتنقيتها من الرذائل، حتى يتمثل علمه في عمله واعتقاده في سلوكه، فيكون نوراً يستضيء به في هذه الحياة ويسير بين يديه وبإيمانه في يوم القيامة.
إن أصول الحقائق التي ينبغي ان يتأملها الانسان ويستحضرها في جميع أحواله ثمانية...
اولاً: وجود الله تبارك وتعالى
الحقيقة 1): وجود الله سبحانه وتعالى الذي هو أول أصول الدين وأهمها، وهو سبحانه أصل هذه الحياة وخالقها وسان سننها وواضع قوانينها والسائق لها إلى غايتها، المحيط بجميع مفاصلها، الشاهد على كل ما يجري فيها، فعلى الانسان أن يكثر من ذكر الله العظيم الذي هو محضره دوماً، فهو معه أينما كان، ثم اليه مرجعه ومآبه. وليعلم أن سره في محضره سبحانه وتعالى إعلان، وخواطره بين يديه كلام، ونياته عندهُ أفعال وملكاته لدى جنابه عيان، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة وهو السميع البصير.
وليتأمل عظمته في آياته التي ينكشف كل يوم مزيد من دلائلها وينبه على عظيم ما يجهل منها، من مجرات لا إحصاء لعددها ولا تحديد لسعتها، تحتوي على ملايين النجوم المنيرة والكواكب المعلقة، مرتبطة في ما بينها بنظام واتساق.
ثم هذه الأرض التي نعيش عليها بمكوناتها ومعادنها وأنظمتها وحدودها وما عليها من بدائع خلقته وروائع صنعته، من أنواع الحيوانات وصنوف النباتات التي صنع كل منها على مثال بديع ونظام منيع، ناهيك عن نفوسنا هذه في أجزائها وقواها وسننها ومكوناتها، فسبحان الله الذي خلق هذه الكائنات كلها، ما أعظم قدرته وأجل شأنه وأوضح برهانه وأبين حجته، وما أصغر الواحد منا في محضره في هذا المشهد العظيم.
المصدر: أصول تزكية النفس وتوعيتها، محمد باقر السيستاني، ج1، ص54.