إنَ أهم ما يلزم على الانسان في هذه الحياة بعد العلم بحقيقتها وآفاقها وغاياتها من خلال الإيمان بالله سبحانه ورسله الى خلقه والدار الآخرة هو توعيته لنفسه وتزكيته إياها، بتحليتها بالفضائل وتنقيتها من الرذائل، حتى يتمثل علمه في عمله واعتقاده في سلوكه، فيكون نوراً يستضيء به في هذه الحياة ويسير بين يديه وبإيمانه في يوم القيامة.
وقد كان من أهم مقاصد القرآن كسائر الرسائل الإلهية توعية الناس بإيقاظ عقولهم وتزكيتهم بتصفية نفوسهم، قال الله سبحانه: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ).
ولقد صدق أمير المؤمنين (عليه السلام) إذ قال: ((واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش، والهادي الذي لا يضل، والمحدث الذي لا يكذب، وما جالس هذا القرآن أحدٌ إلا قام عنه بزيادة أو نقصان، زيادة في هدى أو نقصان في عمى.
واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لأحد قبل القرآن من غنى، فاستشفوه من أدوائكم واستغنوا به على لأوائكم، فإن فيه شفاءً من أكبر الداء وهو الكفر والنفاق والغي والضلال.
فاسألوا الله به، وتوجهوا إليه بحبه، ولا تسألوا به خلقه، إنه ما توجه العباد إلى الله بمثله، واعلموا أنه شافع مشفع وقائل مصدق.
وأنه من شفع له القرآن يوم القيامة شُفَّع فيه، ومن محل به القرآن يوم القيامة صدق عليه، فإنه ينادي منادٍ يوم القيامة: (ألا إن كل حادث مبتلى في حرثه وعاقبة عمله غير حرثة القرآن))، فكونوا من حرثته وأتباعه واستدلوه على ربكم، واستنصحوه على أنفسكم، واتهموا عليه آراءكم، واستغشوا فيه أهواءكم)).
....................................................
المصدر: أصول تزكية النفس وتوعيتها، محمد باقر السيستاني، ج1، ص13-14.