لقد جاء الأنبياء والمرسلون ليرشدوا البشر إلى طريق بناء النفس وتزكيتها وتطهير النفوس الإنسانية من الرذائل والأخلاق السيئة والصفات البذيئة، وتعصمهم الفضائل ومكارم الأخلاق، وارشادهم الى طريق الصلاح والكمال لنيل مقام القرب الإلهي.
ليعلم انهُ لا يذوق المرء طعم العلم والايمان وحقيقتها إلا بالوعي والزكاة، إذ ليس العلم معاني يخزنها الإنسان ويعتقدها، بل حقائق يعتبرها ويستنير بها، ومن ثم جاء: ((ليس العلم بالتعلم، إنما هو نور يقع في قلب من يريد الله تبارك وتعالى أن يهديه))، وقد قال عز وجل:(( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)).
فليرغب مؤمن في مجاهدة نفسه وتزكيتها، وليكونن ناصحاً لنفسه فيه، فمن خادع الله سبحانه وتعالى فقد خادع نفسه، واستدرجه الله تعالى من حيث لا يحتسب.
بل لا يصل الإنسان الى كثير من العلم اللازم له في دنياه أو آخرته إلا بتزكية نفسه حتى يكون مستعداً لاستقبال هذا العلم، فيسعى في تحصيله ولا يعرض عن قبوله.
وبهذا الاعتبار كانت ضرورة التوعية والتزكية مبدأ سابقاً على تحصيل العلم والحكمة، لأنها تضمن وجود الداعي الى تحصيله واستقباله، كما إنها تحث على اتباعه والعمل به بعد حصوله.
..................................................................................
المصدر: أصول تزكية النفس وتوعيتها، محمد باقر السيستاني، ج1، ص11.