إنَ أهم ما يُلزم على الإنسان في هذه الحياة بعد العلم بحقيقتها وآفاقها وغاياتها من خلال الإيمان بالله سبحانه ورسله الى خلقه والدار الآخرة هو توعيته لنفسه وتزكيته إياها، بتحليتها بالفضائل وتنقيتها من الرذائل، حتى يتمثل علمه في عمله واعتقاده في سلوكه، فيكون نوراً يستضيء به في هذه الحياة ويسير بين يديه وبإيمانه في يوم القيامة.
حقيقة وجود الكائنات وبقاؤها كله بإذنه
أن وجود الكائنات وأفعالها كله بإذن الله تعالى، وإن وكّل ببعض أمورها جنوداً من خلقه خاضعين له حسب ما اقتضته كبرياؤه وعظمته.
على الانسان الشعور بالله سبحانه في جميع أحواله والالتفات إلى مدده الذي يتوقف عليه وجوده وأفعاله، فلا حول ولا قوة لأحد إلا بالله، ولا يملك المرء لنفسه ولا غيره نفعاً ولا ضرراً إلا بتمليكه، فلا يظنن أحد أن هناك مركز قدرة يلجأ إليه دونه.
نعم قد أذن سبحانه في شفاعة عباده الصالحين لبعض المذنبين ممن وجد نقصان أعمالهم بدرجة تشملهم موازين فضله وكرمه هبة وإكراماً لهم لما عانوا في سبيله وصبروا على الأذى في جبنه، من غير أن يخرج ذلك عن حدود تناسب سعي الإنسان وجزائه وتفاوت المسيء والمحسن على ما قضى به قوله تعالى : ((وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ )).
المصدر: أصول تزكية النفس وتوعيتها، محمد باقر السيستاني، ج1، ص67.