إستكمالاً لم تم ذكره في الجزء الأول من الموضوع حول إستخدام المرض كـ "سلاح" في الصراعات الدائرة خلال العصور القديمة والوسطى، فمن الواجب الإشارة الى أن التغيير الوحيد الطارئ على هذا السلاح في الفترات اللاحقة هو تطوّره لمديات أكبر وأشد تأثيراً وفتكاً على يد مستخدميه.
وفي الماضي القريب، وبالتحديد خلال الحرب العالمية الثانية، فقد أقدمت اليابان وحدها على تسميم أكثر من (1000) بئر ماء في المناطق الصينية بجرثومتيّ "الكوليرا" و"التيفوئيد"، فضلاً عن قيام قواتها بتوزيع ملابس وأطعمة ملوّثة بالبكتيريا المسببة لمرض "الطاعون" على سكّان تلك المناطق، مما أسفر وبحسب التقديرات عن سقوط ما يقرب من (300,000) ضحيّة، ناهيك عن قيام القوات اليابانية بإحتجاز المصابين والمتوفين جراء تلك الأمراض في معسكرات ضخمة من أجل إجراء التجارب عليهم.
ولم تتوقف تبعات الحرب البيولوجية بإنتهاء الحرب العالمية الثانية، وإنما أشارت المصادر الى أنه ومنذ سنة 1947، فقد تم تسجيل وفاة أكثر من (30,000) شخص سنوياً في الصين جراء الأمراض المنشورة عن عمد في أراضيهم خلال فترة الحرب، وبدرجة وصفتها نفس المصادر الى أنها كانت بنفس شدة تأثير القنبلة الذرية التي أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية على مدينتيّ "هيروشيما" و"ناكازاكي" اليابانيتيّن إن لم تكن أشد تأثيراً.
يذكر أن الولايات المتحدة كانت قد ألقت القبض على العديد من العلماء اليابانيين المشاركين في تصنيع وإستخدام الأسلحة البيولوجية، إلا أنه وبخلاف المتوقع عن تقديمهم كمجرمي حرب، فقد طالبت الحكومة الأمريكية نظيرتها اليابانية بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية، بتزويدها بنتائج الأبحاث الجرثومية التي أجراها العلماء المعتقلين مقابل إطلاق سراحهم وهو ما تم فعلاً في فترات لاحقة، وكان من أبرزهم مؤسس البرنامج البيولوجي الياباني "إيشيرو أوشي".
المصادر:
Factories of Death: Japanese Biological Warfare, 1932-45, and the American Cover-up.